responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 205
الجزء الثاني والثلاثون
بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة ألم نشرح
ثمان آيات مكية يروى عن طاوس وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ هَذِهِ السُّورَةُ وَسُورَةُ الضُّحَى سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَانَا يقرءانهما فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَمَا كَانَا يَفْصِلَانِ بَيْنَهُمَا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالَّذِي دَعَاهُمَا إِلَى ذَلِكَ هُوَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ كَالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً [الضُّحَى: 6] وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ: كَانَ نُزُولُهُ حَالَ اغْتِمَامِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِيذَاءِ الْكُفَّارِ فَكَانَتْ حَالَ مِحْنَةٍ وَضِيقِ صَدْرٍ وَالثَّانِيَ: يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حَالَ النُّزُولِ منشرح الصدر طيب القلب، فأنى يجتمعان.

[سورة الشرح (94) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)
اسْتَفْهَمَ عَنِ انْتِفَاءِ الشَّرْحِ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ، فَأَفَادَ إِثْبَاتَ الشَّرْحِ وَإِيجَابَهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: شَرَحْنَا لَكَ صَدْرَكَ، وَفِي شَرْحِ الصَّدْرِ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ: مَا
رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاهُ وَشَقَّ صَدْرَهُ وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ وَغَسَلَهُ وَأَنْقَاهُ مِنَ الْمَعَاصِي ثُمَّ مَلَأَهُ عِلْمًا وَإِيمَانًا وَوَضَعَهُ فِي صَدْرِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ طَعَنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الرِّوَايَةَ أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ فِي حَالِ صِغَرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَلِكَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَقَدَّمَ نُبُوَّتُهُ وَثَانِيهَا: أَنَّ تَأْثِيرَ الْغَسْلِ فِي إِزَالَةِ الْأَجْسَامِ، وَالْمَعَاصِي لَيْسَتْ بِأَجْسَامٍ فَلَا يَكُونُ لِلْغَسْلِ فِيهَا أَثَرٌ ثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلَأَ الْقَلْبَ عِلْمًا، بَلِ اللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ فِيهِ الْعُلُومَ وَالْجَوَابُ: عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ تَقْوِيمَ الْمُعْجِزِ عَلَى زَمَانِ الْبِعْثَةِ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَذَلِكَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْإِرْهَاصِ، وَمِثْلُهُ فِي حَقِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثِيرٌ.
وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ: فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ حُصُولُ ذَلِكَ الدَّمِ الْأَسْوَدِ الَّذِي غَسَلُوهُ مِنْ قَلْبِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَامَةً لِلْقَلْبِ الَّذِي يَمِيلُ إِلَى الْمَعَاصِي، وَيُحْجِمُ عَنِ الطَّاعَاتِ، فَإِذَا أَزَالُوهُ عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةً لِكَوْنِ صَاحِبِهِ مُوَاظِبًا عَلَى الطَّاعَاتِ مُحْتَرِزًا عَنِ السَّيِّئَاتِ، فَكَانَ ذَلِكَ كَالْعَلَامَةِ لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى كَوْنِ صَاحِبِهِ مَعْصُومًا، وَأَيْضًا فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيُحْكِمُ مَا يُرِيدُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست